استطاعت تلك الشركات تجميع رؤوس أموال ضخمة بالعملات المحلية والأجنبية، دون ترخيص لها من الجهات المختصة، ودون ضوابط أو رقابة بصورة تؤثر على حجم السيولة النقدية للبنوك
بين الحين والآخر، تتساقط مافيات توظيف الأموال، في قبضة الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة بوزارة الداخلية، بعد رصد تحركاتها وتتبع خطوط سير المتهمين، كان آخرها القبض على مدرس بالإسكندرية، استولى على أموال 21 شخصًا بزعم توظيفها فى الكاميرات والمراقبة وآلات التصوير، مقابل نسبة ربح شهرية متفق عليها، إلا أنه لم يف بوعد، أعادت هذه الواقعة إلى الأذهان واقعة جمع فيها أحد الأشخاص 70 مليون جنيه تحت مسمى توظيفها مقابل دفع فائدة شهرية عالية لأصحابها، وغيرها من قضايا الاستيلاء على أموال المواطنين.
اللافت هنا في جريمة توظيف الأموال، أن الضحايا يقدمون أموالهم على طبق من فضة للجناة، لتوظيفها، والسؤال هنا "لماذا لا تضع الدولة خطة محكمة لجذب تلك الأموال واستثمارها، لدفع عجلة الاقتصاد بالبلاد، بدلا من تركها هكذا تقع فريسة سهلة في أيادي النصابين؟".
أوائل الثمانينيات
يقول اللواء محمد نور الدين، مساعد
اللافت هنا في جريمة توظيف الأموال، أن الضحايا يقدمون أموالهم على طبق من فضة للجناة، لتوظيفها، والسؤال هنا "لماذا لا تضع الدولة خطة محكمة لجذب تلك الأموال واستثمارها، لدفع عجلة الاقتصاد بالبلاد، بدلا من تركها هكذا تقع فريسة سهلة في أيادي النصابين؟".
أوائل الثمانينيات
يقول اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن ظهور شركات توظيف الأموال، غير المرخصة بدأ قرب أوائل الثمانينيات على هيئة شركات فردية، وتعد ظاهرة خطيرة في مجتمعنا وتشكل أحد اهتمامات الرأي العام في مصر، وكذا باقي البلدان العربية والأجنبية، مضيفا أن تلك العصابات آخذة في الانتشار والتزايد، وهو ما يشكل عبئا كبيرا ومسئولية كبيرة على المسئولين بالحكومة إلى البحث في سبل جذب أموال المواطنين واستثمارها في مشروعات تنموية، لا يعلن عنها مقابل عوائد مالية.

أضاف «نور الدين»، في تصريحات لـ«التحرير» أنه ينبغي الاستعانة بالوسائل الإعلانية المتنوعة في تعريف الجمهور بها، ودعوته إلى الاكتتاب العام به، في الوقت الذي استعانت فيه مافيا التوظيف، بتوزيع عوائد مالية كبيرة وأرباح تزيد على تلك الأرباح والفوائد والأرباح التي تعطيها البنوك، غير أن تلك العصابات كانت تصدر عن أشخاص تتذرع باعتبارات دينية أو سياسية.
التسويق الشبكي
يوضح الخبير الأمني أن تلك الشركات استطاعت تجميع رؤوس أموال ضخمة بالعملات المحلية والأجنبية، دون ترخيص لها من الجهات المختصة، ودون ضوابط أو رقابة وكذا بدون إعلان عن مراكزها المالية وأنشطتها المختلفة، كما هو الحال في عمليات "التسويق الشبكي"، بصورة تؤثر بشكل كبير على حجم السيولة النقدية للبنوك.
واستكمل مشيرا إلى أن هذه الأنشطة التي تمارسها عصابات الأموال، ليل نهار، لا تخفى على أجهزة الأمن التي تراقبهم وتعمل على الإيقاع بهم بعد ثبوت تورطهم، وتحيلهم للمحاكمة فورا، لضرب هذه البؤر والأنشطة غير المرخصة، والتي اكتسبت اسما كبيرا، وحققت انتشارا واسعا في مختلف أنحاء البلاد، لدرجة دفعت بعض المواطنين لبيع بعض ممتلكاتهم من عقارات سكنية وأراض وغيرها، وسلموا تلك المبالغ لتلك الشركات الوهمية، نظير استثمارها مقابل أرباح مالية شهرية.

التعاون الدولي
طالب اللواء «نور الدين» بضرورة وضع استراتيجية أمنية لمكافحة جرائم توظيف الأموال والحد من مخاطرها، وكيفية تطوير الأجهزة الأمنية بغية مكافحة هذه الظاهرة على مستوى كل الأصعدة سواء الأمنية أو التشريعية والاقتصادية، للحد من خطورة وأضرار تلك الشركات والأفراد التي تلحق الأضرار بالدولة قبل المواطنين، وطالب كذلك بسرعة تفعيل آليات التعاون الدولي في مجال تسليم المتهمين، والعمل على إعداد الكوادر الأمنية، وسلطات التحقيق من الناحية الفنية للبحث والتحقيق.
كما طالب الخبير الأمني بإضفاء مزيد من المساعدة القانونية المتبادلة مع البلدان المتقدمة في محاربة ومكافحة هذا النشاط، والإنابة القضائية، بهدف رد أموال المدخرين، وضبط المتهمين الذين هربوا خارج البلاد.
وحذر المواطنين من التعامل مع تلك الشركات، مع توضيح المخاطر الأمنية والاقتصادية جراء التفاعل معهم.