«التعديات على النيل»..مخالفات تنتهك القانون والدستور
يعاني كورنيش النيل من الإشغالات التى أصبحت عائقا بينه وبين المارة، وهو ما يخالف قانون نهر النيل، وعلى رأس هذه الإشغالات المراكب العائمة المخالفة لشروط التراخيص
تحرير:هالة صقر٣٠ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٤:١٠ م
"كلُّ المَناهِلِ بَعدَ النِّيلِ آسِنَةٌ" هكذا تغنى أمير الشعراء أحمد شوقى تعبيرا عن حبه لنهر النيل، فالنيل يعد من أهم مقاصد الكتاب والمثقفين والعشاق والسائحين والفقراء والأغنياء، والصغار والكبار، ولا يخلو الكورنيش ليلا أو نهارا من محبى نهر النيل، ولأن النيل هبة من الله للجميع، اشترطت القوانين والهيئات والحكومات أن يكون حقا للجميع، لذا منعوا كل ما يحجب رؤيته عن المواطن، ولكن كان المنع حبرا على ورق، فالإشغالات أصبحت تسيطر على معظم الكورنيش دون رادع.
المراكب
العائمة
لا
تقتصر إشغالات كورنيش النيل على نصبات
الشاي والباعة الجائلين، وإنما تصل إلى
مياه النيل أيضا، متمثلة فى المراكب
العائمة، والتي أصبحت كابوسا يؤرق سكان
العقارات المطلة على النيل.
الاعتراض
ليس على إنشاء المطاعم والكازينوهات
العائمة، لأن القانون يسمح بتواجدها،
ولكن ما يؤرق المواطنين
لا
تقتصر إشغالات كورنيش النيل على نصبات
الشاي والباعة الجائلين، وإنما تصل إلى
مياه النيل أيضا، متمثلة فى المراكب
العائمة، والتي أصبحت كابوسا يؤرق سكان
العقارات المطلة على النيل.
الاعتراض
ليس على إنشاء المطاعم والكازينوهات
العائمة، لأن القانون يسمح بتواجدها،
ولكن ما يؤرق المواطنين المخالفات التي
يقوم بها أصحاب هذه المراكب، عن طريق
الإخلال بالشروط التي وضعتها الحكومة من
أجل استخراج تراخيص المراكب العائمة.
تنتشر المراكب العائمة بطول الكورنيش، جزء كبير منها يقع على كورنيش المعادي، والتي لا تضم فقط المطاعم العائمة والكازينوهات إنما تضم عددا من المراسي العشوائية غير المرخصة، وتنتشر العائمات أيضا على كورنيش الزمالك، وكورنيش قصر النيل، وجميعها تخالف الاشتراطات التى وضعتها الحكومة لاستخراج التراخيص. (اقرأ أيضا: انطلاق 55 عائمة سياحية بين أسوان والأقصر )
سكان الكورنيش يرفعون شعار «لا للمراكب العائمة»
"التحرير" التقت
عددا من سكان كورنيش النيل بحي الزمالك، من أعضاء حملة "لا للمراكب العائمة" التى انطلقت العام الماضى؛ لمنع التراخيص الجديدة للمراكب العائمة، التى تسببت فى إزعاج للسكان، وحولت الشوارع الضيقة إلى ساحة انتظار لسيارات المترددين عليها.
هانى القللى، أحد سكان الزمالك، المنظمين لحملة "لا للمراكب العائمة"، قال لـ"التحرير"، إن الحملة تمكنت من منع صدور تراخيص مراكب عائمة جديدة، وحصلت على وعد من محافظ القاهرة بمنع إصدار تراخيص مراكب عائمة على الأقل لمدة 4 سنوات، وهي مدة مشروع مترو الأنفاق والذي تسبب فى غلق عدد من الشوارع وتسبب فى حالة من التكدس المرورى.
القللى أكد عدم اعتراضه على وجود المراكب العائمة، ولكن لا بد من الالتزام بالقانون والشروط التى وضعتها الدولة، وأولها توفير مكان لانتظار السيارات الخاصة بالمترددين على المطاعم والفنادق العائمة، وكذلك ترك مسافة للمواطن حتى يرى النيل، ولكن أغلب "العائمات" تخالف هذه الشروط، وخاصة أنها تقع فى مناطق سكنية.
لم تكن المراكب العائمة الحالية هي سبب إزعاج السكان فقط، حيث يتخوف القللى وجميع السكان من المشاتل المتروكة للبلطجية، لأن الشائعات تدور حولها، والبعض يؤكد أنها ستتحول إلى مراكب عائمة جديدة، مطالبا الحكومة بعدم تغيير نشاط المشتل، والبدء فى تجميله وطرد البلطجية.
لم يكف سكان النيل عن مراسلة الجهات المختصة للمطالبة بالتخلص من مخالفات "العائمات"، ولكن يبقى الوضع على ما هو عليه حسب ما أكد القللى، وأن الاستجابة الوحيدة كانت فى منع المراكب الجديدة التى حصلت على تراخيص.
عدلى حسن، أحد سكان كورنيش النيل، راقب إحدى المراكب العائمة منذ عام 2011، وأكد أنها كانت عبارة عن مركب صغير ومع الوقت تحولت إلى مطعم عائم عبارة عن 4 أدوار، وتساءل حول كيفية حصول هذه المراكب على التراخيص وسط كل هذه المخالفات.
ونظرا لاستخدام الطريق لانتظار سيارات المقبلين على المراكب العائمة، توجد صعوبة فى دخول سيارات الإسعاف والإطفاء، وهو ما وصفه حسن بالكارثة، التى تهدد أرواح المواطنين فى حالة وجود حوادث.
وبسؤال أميمة منصور، إحدى سكان كورنيش النيل، عن المخالفات التى تشكل خطورة على النيل والسكان، تركزت إجابتها حول مخالفات المراكب العائمة، وانتشار "السياس" فى أماكن انتظار المترددين على المراكب العائمة، واستغلالهم للسكان بما يخالف القوانين، قائلة "أنا فيه تحت بيتى سايس اسمه أحمد ترامادول أنزل من بيتى إزاى وفيه ترامادول تحت".
تضع
وزارة الرى من خلال قطاع حماية وتطوير
نهر النيل مجموعة من الشروط للحصول على
ترخيص لإنشاء مراسٍ أو مطاعم أو كازينوهات،
وأهم هذه الشروط هو ما يخص مساحة الإشغالات
والتى يجب ألا تزيد على نسبة 10% من
المساحة المرخصة للاستغلال، وطول الإشغالات
لا يتعدى الطول المواجه للنيل، وارتفاع
المنشآت لا يزيد على متر واحد عن منسوب
الرصيف، وفى جميع الحالات لا تحجب الرؤية،
والمنشآت لا تقطع خط النظر الواصل بين
المار على الرصيف وخط المياه القريب من
الرصيف. (اقرأ ايضا: المطاعم العائمة بالزمالك.. إزعاج في الحي الهادئ)
طلب إحاطة
لا
تتوقف مشكلات الفنادق والمطاعم والكازينوهات
العائمة على الإشغالات وحجب رؤية النيل، ولكنها أيضا تساهم فى تلوث المياه بسبب
عدم الالتزام بالاشتراطات التى وضعتها
الحكومة من أجل استخرج التراخيص.
في
شهر مايو الماضي، قدم محمد عبد الله
زين الدين، وكيل لجنة النقل والمواصلات
في مجلس النواب، طلب إحاطة للدكتور محمد
عبد العاطي وزير الري والموارد المائية،
حول مخالفات المراكب العائمة للاشتراطات
المسموح بها وتلويث مياه النيل،
مؤكدا أن وزارة الري هي الجهة المنوط بها استخراج التصاريح
وفقا للقانون 12 لسنة 1982 وقرار
رئيس مجلس الوزراء رقم 1383 لسنة 2005، وما
تلاه من تعديلات، مما يضع عليها مسئولية
تلوث مياه النيل نظرا لمخالفات هذه المراكب
العائمة والبواخر السياحية. (اقرأ ايضا: «نصبة شاي وسرقة كهرباء».. من يحمي كورنيش النيل من البلطجية؟)
الدستور يحظر التعديات
نص الدستور المصرى فى المادة رقم 144 على أن: تلتزم الدولة بحماية نهر النيل، والحفاظ على حقوق مصر التاريخية المتعلقة به، وترشيد الاستفادة منه وتعظيمها، وعدم إهدار مياهه أو تلويثها، كما تلتزم الدولة بحماية مياهها الجوفية، واتخاذ الوسائل الكفيلة بتحقيق الأمن المائى، ودعم البحث العلمى فى هذا المجال.
وحق كل مواطن التمتع بنهر النيل مكفول، ويحظر التعدى على حرمه أو الإضرار بالبيئة النهرية، وتكفل الدولة إزالة ما يقع عليه من تعديات، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون.
تعدد جهات إصدار التراخيص
النائب
عبد الحميد كمال، عضو لجنة الإدارة المحلية
بالبرلمان قال لـ"التحرير"، إن الأزمة فى إشغالات النيل الناتجة عن "العائمات"،
جزء كبير منها بسبب تعدد الجهات المسئولة
عن استخراج التراخيص، فهناك تراخيص تصدر
من السياحة، وأخرى من وزارة الرى والموارد
المائية.
ويقول
كمال: إن موضوع المراكب العائمة يستحق
الاهتمام من جانب المسئولين، لأن الأمر
يتعلق بنهر النيل.
وعبر
كمال عن غضبه الشديد من عدم وجود إحصائية
دقيقة تتضمن عدد المراكب العائمة بأنواعها السياحية والتجارية وغيرها. (اقرأ أيضا: كيف قامت الحضارة على ضفاف النيل؟)