الأصل في نجاح الحكومات أن تنحاز إلى الدولة التي تمثلها، وللنظام السياسي الذي يقودها، وفي قدرتها على تحقيق المصلحة العامة بكفاءة وعدالة وإتقان وخطط مبتكرة، لا أن تصبح، كما هو الحال مع حكومة المهندس إبراهيم محلب، جاهلة في الأغلب الأعم، في خدمة أعدائها والخارجين
الأصل في نجاح الحكومات أن تنحاز إلى الدولة التي تمثلها، وللنظام السياسي الذي يقودها، وفي قدرتها على تحقيق المصلحة العامة بكفاءة وعدالة وإتقان وخطط مبتكرة، لا أن تصبح، كما هو الحال مع حكومة المهندس إبراهيم محلب، جاهلة في الأغلب الأعم، في خدمة أعدائها والخارجين عن السياق والإجماع الوطنى، لتقدم الجوائز المجانية لهم واحدة تلو الأخرى.
حكومة محلب التى عجزت حتى كتابة هذه السطور، فى تقديم ولو مشتبه به واحد فى عملية اغتيال النائب العام الراحل، المستشار هشام بركات، سارعت بتقديم الرجل وسمعته وتاريخه، وبغض النظر عن أى اختلافات حول كل هذا، على طبق من فضة وكلقمة سائغة للإخوان للطعن والتشويه واللمز والغمز وتثبيت التهم والادعاءات والشبهات بغير أدلة قاطعة، عبر قرار إطلاق اسمه على ميدان رابعة العدوية، الذى كان شاهدا قبل سنتين على الفض العنيف لاعتصام الجماعة وحلفائها.
الحكومة تحولت فى لحظات، وللمصيبة دون أن تقصد، إلى شعبة تابعة للإخوان، تُخدّم على استراتيجياتها الإعلامية وعلى مظلومياتها المصطنعة فى كثير من جوانبها، وعلى خطابها التحريضى على مؤسسات الدولة ورموزها.
لا أحد يعلم على وجه الدقة، من العبقرى الذى أشار على مجلس الوزراء بمثل ذلك القرار الذى يحمل من قصر النظر، أكثر ما يحمل من تكريم للراحل، الذى يثبت على الرجل اتهامات الإخوان له أكثر مما يمحو آثارهم من المكان، الذى سال فيه كثيرا من الدماء يوم الفض، ليتم اغتيال الرجل مرة أخرى، لكن هذه المرة على يد الحكومة.
الحكومة تقمصت دور الإخوان أنفسهم، ومن ثم سطت دون أن تحسبها جيدا على استراتيجيتهم الأثيرة فى المكايدة، وقررت التنغيص عليهم بنفس طريقتهم، غير أنها وفى الحقيقة منحتهم فرصة العمر لتثبيت مزاعمهم التى يروجونها بين قواعدهم ويغسلون بها رؤوس شبابهم والمتعاطفين معهم والموالين لهم، بأن هشام بركات نال جزاءً ما اقترفته يداه تجاه الجماعة، حيث كثيرًا ما حمَّله قادة الأخيرة مسؤولية إصدار قرار فض الاعتصام، والإعدامات الصادرة بحقهم جراء قرارات اتهام صادرة من النيابة التى كانت تعمل تحت إدارته.
محلب ورجاله ثبّتوا تلك الاتهامات على الرجل بقرار لا يمكن وصفه إلا بالطفولى المتعجل، فبدلا من أن يخلدوا اسمه على قاعة كبرى فى دار القضاء العالى، أو على مبنى أو مجمع محاكم أو نيابات، أو فى شارع أو ميدان رئيسى فى القاهرة، قرروا وضع لافتة زرقاء تحمل اسمه على سور مسجد رابعة العدوية المطل على إشارة المرور/ الميدان، وكأنهم يقولون لكل من يسير حاملا مظلومية الفض إن صاحب هذا الاسم، هو من أمر به.
غياب الخيال، والكياسة السياسية، والعجز عن اختيار القرار الصائب فى الوقت الحرج، مصيبة ستدفع ثمنها مصر فى القريب العاجل، لو يعقلون.